أحداث 24 ساعة

ملك أم كتابة؟!



ينتاب المرءُ منا شعور بالدهشه وأحياناً بالأسى، عندما يجد أن النزوع للفردية وافتقاد الرؤية الشاملة يسيطر على المشهد العام في مصر. فتغيير المواقف لنفس الوجوه بين مواقع وأخرى، ما أسهله. والمثال الحي على هذا الطرح، هو تبديل المسؤل لمواقفه السابقة بمجرد شغله لموقع ما، بل والتي كثيراً ماكان يدافع عنها.. إما لشيئ في نفسه أو لأسباب تعود إلى طبيعة العمل، أو ضغوط سياسية، أو غيرها.

مايعنيني هنا ليس رجل السياسة الذي يمارس لعبة المصالح والتوازنات.. ولايعيبه ذلك، لكن ما يهمني هو المثقف أو التكنوقراطي المتخصص في فن معين وكان دائماً مايدلي بآراء تعارض ما تتخذه السلطة الحاكمة من قرارات يراها هو غير صائبة وتفتقد للمنهج العلمي والدراسة العميقة، وأحيانا تثير القلاقل الإجتماعية. ثم سرعان ما تتبدل مواقفه، فيسيرعلى نفس الدرب. وفي هذا السياق، يحضرني قول جان بول سارتر: "المثقف موقف وليس حرفة".. وشتان شتان بين المواقف.

منذ أيام قليلة، أعلن وزير المالية الدكتور سمير رضوان عن الموازنة العامة الجديدة للدولة، وهي الأكبر في تاريخ مصر. وبالطبع سيزيد حجم الإنفاق- فالعجز يقدر بـ 170 مليار جنيه - لإمتصاص غضب أصحاب المطالب الفئوية من ناحية، وكذلك تنشيط الطلب العام لتدوير عجلة الإنتاج من ناحية أخرى. ولكن السؤال، ألن تكون لذلك آثاراً تضخمية تنعكس بدورها على المستوى العام للأسعار..أم أن هذا العجز سيكون دفترياً.. فقط على الورق؟! في نفس المؤتمر الصحفي، قال الوزير: سيتم تخصيص 200 مليون دولار كجزء من المنحة السعودية لدعم المشروعات الصغيره والمتوسطة، وأن الدولة تخطط لأن تكون مثل هذه المشروعات قطاعاً رائداً وقاطرة للإقتصاد المصري بحلول سنة 2020، وسيتم إسناد الإشراف على وتمويل مثل تلك المشروعات لبنك القاهرة بشكل عام. هل هذا المبلغ كاف لقطاع تراه الدولة بهذه الأهمية.. وهل تمت دراسة جدوى إسناد تلك المهمة لبنك مثل القاهرة الذي عانى المشاكل طوال السنوات الماضية دراسة متأنية؟!

ما أثار الأوساط الإقتصادية أكثر، هو كلام الوزير عن فرض ضريبة جديدة على الأرباح الإستثمارية. فهناك من يرى- وانا معهم- أن فرض هذه الضريبة في هذا التوقيت الصعب، يشكل عامل طرد للإستثمار الأجنبي المباشر الذي بحاجة للتحفيزالأن ونحن في أمس الحاجة إليه.. ويشكل رد فعل سلبي للجهود الدولية الساعية لمساعدة مصر. في نفس الإتجاه، تثير الحكومة علامات الإستفهام بعد تصريح وزير التضامن الدكتور جودة عبدالخالق، عن النية لفرض ضريبة على إستهلاك البنزين. وكأن عجلة الإقتصاد لن تدور إلا بفرض ضرائب جديدة في مثل هذه الظروف.!

العجيب أن هذين الرجلين- اللذين أحترمهم – كانا مثل كثيرين، يعارضان سياسات يوسف بطرس غالي الضريبية وآثارها الضاره على الإقتصاد والمفتقده للمنهجية والدراسة، يثيران الأن نفس الجدل. من هنا، أتصور أن مواقف النخبة في مصر عندما تنزل إلى أرض الملعب، تحكمها لعبة الحظ كمن يلعب فيختار، إما ملك أو كتابة.!

0 تعليقات القراء:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting