مادو والرئيس !

يستيقظ كعادته دون أن يأخذ قسطه الطبيعي من النوم والراحه على إثر مداعبة ذلك الصبي الصغير ذو الربيع الثالث ، والذي يتجاذب معه دوما أطراف الحديث قائلا: "إصحى بقى ياعمو ، الشمس طالعه "

هذا المشهد ينسخ نفسه تلقائيا بشكل شبه يومي بين الجانبين .. أنا وهو.!

مادو، ذلك الطفل الوسيم ذو الشعر الناعم المنسدل على جبهته الدقيقه ، وعيناه تشعان بالقوه والإصرار..كلماته أحيانا_لخجله_ تعد على أصابع اليد، لكنها تزن مقدار سنوات لأحاديث البالغين.يقضي معظم وقته أمام الحاسوب ممارسا لألعابه المفضله والتي بحق برع فيها وأبلى بلاءا حسنا كغالبية أطفال جيل عصر المعلوماتيه.عندما أعلمه شيئا جديدا في لغة الفرنجه (الإنجليزيه) وأتأكد من حفظه وادراكه إياه ،أجد أن نفس الشيئ الى حد كبير أصبح عند ابن عمه الذي لايفارقه ويصغره بعام "بيبو". أسأل بيبو عن أشياء لم أعلمها له كنوع من الدعابه قبل أن أبدأ في تلقينه هوالآخر ، أجده وقد أصاب الحقيقه.عقلي يشت واستجوبه : مين اللي قالك دا يابيبو؟

يرد قائلا: مادو.

أُرسل لإحضار الأخير واعقد بينهما المواجهه في غرفتي ، وألقي على سمعيهما نفس معنى السؤال..فيتضاحكا سويا في خبث ودهاء يدل على تعاون من نوع رهيب بين الإثنين.. ليضعاني أمام واقع ملموس يتلخص في أن ما أعلمه لمادو ينتقل تلقائيا الى بيبو بمباركه ضمنيه من جانب عمر الشقيق الأكبر لمادو على شرط ألا يزعجانه عن متابعة فيلم الكارتون الجديد والذي أجبرني أمس على تنزيله له من الشبكه العنكبوتيه بعدما أعطاني إسم وتفاصيل الفيلم من خلال متابعته الحثيثه لقنوات سبيس تون.

من أهم الحوارات التي داريت بيني وبينه ، كان بطلها سؤال روتيني يكرره كل أصناف البشر مع الأطفال :

أنا : مادو لما تكبر عاوز تبقي إيه؟

مادو: عاوز أبقى ظابط واركب الطياره

أنا : اشمعنى

مادو: عشان أضرب إسرائيل بالصواريخ

أنا: ههههههههههههههه ممممممممممممم ، لأ يامادو أنا عاوزك تطلع دكتور...!

مادو: ماشي ياعمو .. هابقى دكتور .. وادي إسرائيل الحقنه

أنا: هههههههههههه ..ليه بتقول كدا؟

مادو: عشان إسرائيل دول ناس شريرين وبيموتوا الطيبين زي اللي في لعبة كونتر سترايك ياعمو

البارحه ، جائني في الموعد كعادته لا لكي يوقظني من نومي هذه المره واعلامي أن الشمس في كبد السماء، لكن كي يودعاني هو وعمرقبل المضي لركوب الطائره متوجهين الى بلاد الحجاز.. حيث ينتظرهم أبيهم (شقيقي)الذي يعمل بإحدى الشركات هناك منذ سنوات، للم شمل عائلته الصغيره لمدة شهر وقضاء مناسك الحج ثم يعودون الى أرض الوطن.يمر علي هذا الشهر وكأنه الدهر لافتقادي عمر ومادو ، وعزائي الوحيد هو وجود الضلع الاخير لمثلث الرعب ابن شقيقي الأخر بيبو.

الرئيس مبارك سيذهب الى قضاء مناسك الحج هذا العام، والصدفه وحدها قد تجمعه بمادو وهي ظاهره لاتحدث إلا كل 82 عام.يخيل لي لوحدث اللقاء ، أن يهم الرئيس بتوجيه نفس سؤالي الى مادو .. فتنزل إجابة الطفل صاعقه على السمع لتغير موقفه من عملية السلام في الشرق الأوسط ^_^

________

ملحوظه:

كان مفروض البوست دا ينزل الاثنين الماضي ، لكن تأخر إلى اليوم بسبب عطل مفاجئ بالمواصلات السلكيه أفقدني وعيي الإنترنتي 48 ساعه.

________

تقبلوا تحيتي