إشربـــي يامصـــــــر !

منذ فتره طويله وهناك تحذيرات عديده من جانب بعض المفكرين السياسيين والعسكريين المصريين مرارا وتكرارا من ضرورة الانتباه والتصدي للتدخلات الإسرائيليه في إفريقيا وخطرذلك على الأمن القومي المصري . ويأتي على رأس هذه المخاطر، تهديد حصة مصر من مياه النيل .



فالوجود الإسرائيلي في القاره السمراء قديم وليس وليد الأمس وتعلمه جيدا الدوله المصريه وتتابع تحركاته بالطبع أكثر الأجهزة الأمنيه حرصا على الأمن القومي المصري وعلى رأسها المخابرات . ومن البديهي أن أبعاد هذه التحركات تضعها تحت يد وتصرف القيادة السياسيه ، وهذه ظنوني الحميده . ولكن ما أكاد أعتقد به عن ظهر قلب أن هذه القياده السياسيه ، ودن من طين والأخرى من عجين .. وتركت الملعب لليهود وغرقت في سُبات عميق .!



فمصالح إسرائيل من وراء توغلها في قلب إفريقيا كما يبدو لي ، تتمثل في نقطتين جوهريتين :



النقطه الأولى ، إثارة النعرات الطائفيه والعرقيه والحروب الأهليه بين الدول والكيانات الإفريقيه ، حتى تضمن لنفسها سوقا مشتعله تغذيها بصادرات صناعاتها من الأسلحه العسكريه التي تحقق بها فائضا ماليا بالمليارات لخزينتها ، وتفوقا نوعيا في لعبة الصراع الإستراتيجي بينها وبين مصر في المنطقه.


وأظن أنها نجحت كثيرا في هذا الإتجاه ، وأذكر جيدا قصة هذا الكيان الشيطاني مع دولة إريتريا التي نالت استقلالها في مطلع التسعينات بعد الحرب الأهليه ، وكانت إسرائيل من أوائل الدول (عفوا) التي اعترفت بها وأقامت معها علاقات قويه ومع رئيسها أسياسي أفورقي الى الدرجة التي استأجرت فيها احدى الجزر الإريتريه لتربية الأبقار ثم شحنها إلى تل أبيب ، وكي تكون لها عين على مدخل البحر الأحمر حتى تـُنسي العرب مقولة أن البحر الأحمر بحيره عربيه خالصه وتجعل ذلك أسطورة من المستحيلات الثلاثه ، والهدف بالطبع هو أمن مصر.



النقطه الثانيه ، وهي الأخطر في تقديري ، والتي تتعلق بتهديد مباشر لحصة مصر من مياه النيل عن طريق مساعدة دول المنبع مثل إثيوبيا وأوغندا في إقامة مشروعات زراعيه وسدود على النهر ، منها للتأثير على حصة مصر التاريخيه في مياه النيل والضغط عليها مستقبلا من خلال الربط بين حصولها على الحصه كما هي _كما قد تزيد_ وبين مد إسرائيل بالمياه عن طريق صحارات عملاقه تمر أسفل قناة السويس وعبر أرض سيناء.. كنوع من المصالح المشتركه التي تفرضها الأوضاع السياسيه القذره، ومنها ماهو منافع اقتصاديه بين إسرائيل وهذه الدول.


وقد اتضحت الآن ملامح هذه الأخطار والمخططات بجلاء وأصبحت بالفعل على المحك في الإجتماع الأخير لدول حوض النيل في منتصف شهر مايو الماضي بشرم الشيخ . فدول المنبع ترفض بشدة مطالب مصر والسودان الخاصه باحتفاظهم بالحصص التاريخيه من المياه بحجة أنها أُقرت بناءا على اتفاقيات وُضعت في عهد الإستعمار وانه يجب وضع آليات جديده لتقسيم عادل لمياه النهر. كما رفضت المطلب الخاص بضرورة إخطار مصر بإقامة أية مشروعات خاصه بالنيل عند المنبع.


ومما يؤكد وجود الصهاينه وراء هذه الكواليس ، ذكرت صحيفة المدينه السعوديه عن مصادر رسميه بالخارجية المصريه أن الوزارة لديها معلومات تفيد أن وفدا إسرائيليا قام بزيارة العاصمه الإثيوبيه أديس أبابا قبل أسبوع من انعقاد الإجتماع الوزاري لدول حوض النيل بنية التدخل في مسار المفاوضات. وقد نجحت إسرائيل كعادتها في ذلك ، وسيطرت أجواء عدم الاتفاق والتوتر بين مصر ودول حوض النيل وهي بداية لمرحله أكثر خطورة في تاريخ مصر.

بعد هذا الإستعراض ، يمكنني القول أن إسرائيل بتوغلها في إفريقيا لم تواجه صعوبات ، نظرا للفراغ الذي تركته مصر لها في هذه المنطقه الحيويه والإستراتيجيه لأمننا القومي والمائي.


هذا هو واقع الحال ، مصر تؤمًن لإسرائيل حدودها الجنوبيه والغربيه بإستسلامها السياسي والعسكري ، وُتسكت المقاومه الفلسطينيه كي ينعم اليهود بالأمان .. ثم ترد إسرائيل لنا الجميل بإثارة القلاقل في إفريقيا.. مما يقد يتسبب في اندلاع حرب بين مصر وبعض دول المنبع كإثيوبيا وأوغندا في المستقبل القريب حسب توقعات مراكز أبحاث أمريكيه ومصريه.


مصر في خطر حقيقي ، والحكماء وأصحاب الفكر القديم والجديد لاهم لهم سوى تربية الكروش فلهم في ذلك خبرات عظيمه ، ودائما لايتوقعون الكوارث وان توقعوها لايتحركون إلا بعد وقوعها بالفعل ، كي يتحركوا جارين معهم ذيول الخيبه والفشل.


إشربي يامصر
من كوعك وأكيد م البحر
النيل دا ماهوش دايم
دا ولادك بيصحوا العصر
اشربي يامصر.. نامي يامصر 

___________

قلم رصاص