خلي الرادار صااااااااااحي !

للمرة المليون وفي غير حالة الحرب بين العرب واسرائيل ، تستبيح الاخيرة المجال الجوي للأراضي العربية ، مخترقة إياه بطائراتها لتنفيذ مهام محددة وتصيبها بدقة ، ثم تعود أدراجها بكل سهولة .. وأصحاب الفخامة والسمو في سباتهم نائمون .. ثم بعدها لايفعلون سوى أنهم بالصوت يرقعون .. وللخدود يلطمون .. ولامانع من أنهم يشجبون وينددون .. الخ الخ !

أصبح هذا المشهد متكررا كثيرا من جانب الاسرائيليين .. وكأنه مثل نزهه للطيارين اليهود على أرض العرب ، دون أن يعترضهم أي شيئ..وكيف يعترضهم أحد وهو لايعلم أساسا بوجودهم.

فنحن اعتدنا في مثل هذه الحالات ، أن لانعلم عنها شيئا إلا من الاسرائيلين أنفسهم .. وذلك بهدف ، إما التفاخر بما لديهم من قوة ، أو بث الردع في النفوس العربية ، أو حتى إحراج الأنظمة السياسية العربية أمام شعوبها .. لعلمها يقينا عدم جرأة أي من هذه الأنظمة على الإعلان عن مثل هذه الأحداث .

وأشهر هذه العمليات ، كانت في 1981م عندما اخترق تشكيل من 4 الى 6 مقاتلات حربية اسرائيلية المجال الجوي للسعودية ، وانقض على المفاعل النووي العراقي ، الذي كان يسمى على ما أتذكر من مادة القانون الدولي في السنة التانية في كلية الحقوق ، مفاعل الأوزارك .. ودمره تدميرا كاملا .. ثم عادت الى مطاراتها بصحة وعافية .

يلي هذه العملية شهرة من سلسلة النكسات العربية المتسلسلة ،عملية تونس.عندما طارت الطائرات الحربية الاسرائيلية الى تونس .. تصوروا ..تووووونس .. اللي يفصلها عن حدود اسرائيل ثلاث دول .. وضربت مقرا للسلطة الوطنية الفلسطينية هناك .. وبالطبع عادت سالمة غانمة .. وكأنها كانت في مهمة قطف جوز حزم جرجير من تونس الخضرااااااا...!

هذا بالإضافة الى الاختراقات شبه الدورية بين حين وآخر للمجال الجوي اللبناني ..وسلم لي على سي حسن نصرالله ...! ثم النكته الكبرى ، وهي اختراق المجال الجوي السوري منذ أقل من عام وضرب أهداف بعينها هناك .. وقبلها بفترة ليست ببعيدة ، مرور الطيران الاسرائيلي فوق قصر الرئاسة السورية .. وأمجاد ياعرب أمجاد

كل مافات يمكننا اعتباره وكأن لم يكن ، لأنه تم مع دول ليس لها وزن ..لا سياسي ولا عسكري إزاء إسرائيل . فهم مفعول بهم وليسوا فاعلين ، لكن مالايمكن فهمه ولا ادراكه أن يحدث مثل هذه الاستفزازات على الحدود المصرية منذ أقل من ثلاثة أشهر ....!

القصة غالبا معروفة ، ولكني سأذكرها لكم باختصار ، فطبقا لإحدى الأخبار الواردة في صحيفة معارييف الاسرائيلية ، أنه قامت المقاتلات الاسرائيلية في منتصف شهر يناير الماضي بقصف موكب من الحافلات شمال السودان بمحازاة سواحل البحر الأحمر . وقد أسفر عن ذلك مقتل 39 شخصا وتدمير عدة حافلات .. زاعمة أنه كان بها شحنات سلاح في طريقها الى الفلسطينين.

بالطبع نحن أمام حدث يحتاج الى تحليل عميق لن نخوض فيه .. ولكنني سألقي ضوءا على عدة نقاط جوهرية دون ذكر تفاصيل .

أولا :

فيما يتعلق بالمسار الجوي الذي سلكته الطائرات الاسرائيلية كي تصل للهدف ، فنحن أمام فرضين :

الفرض الأول - وهو ان هذه الطائرات في الغالب أقلعت من مدارجها في اسرائيل واتخذت طريقها في الغالب فوق البحر الأحمر منتصف الحدود الدولية بين السعودية ومصر . فإذا سلمنا بصحة هذا الفرض ..فالسؤال هو، أين كانت الرادارات العسكرية المصرية ؟! مش احنا عندنا رادارات برضه ؟! .. ولا اللي عندنا ده طشت غسيل وحاطينه على السطوح يجيب القناة الاولى (مجلس الشعب) والقناة التانية (البيت بيتك) .. وتلاقي الفراخ بتبيض فيه أساسا .. ههههههههههههههههههه !

ولاهو الرادار شاطر بس يقفش واحد ماشي على 120 في طريق مصر- اسكندرية الصحراوي .. ده أخره ...!!!

الفرض الثاني - محتمل أيضا أن تكون الطائرات الاسرائيلية أقلعت من القاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي .. خدوا بالكوا دي دولة عربية ..هههههههه .. ماعلينا .

والأمر هنا أخطر وأخطر..فنحن تعلمنا في دروس الجغرافيا أن البحر الأحمر يعتبر بحيرة عربية خالصة نظرا لأن معظم ان لم يكن كل الدول المطلة عليه هي دولا عربية . فإن كان الأمر كذلك .. سؤالي هو : هل الأولى التواجد العسكري للقواعد الأمريكية والصهيونية أم للعربية في هذه المنطقة الخطيرة على أمن الوطن العربي بأكمله ؟!

أنا لي وجهة نظر متواضعة في هذا الموضوع . أرى أن التواجد العسكري المصري في البحر الأحمر سيحقق : أولا سيحمي الأمن القومي المصري من الاعتداءات الأجنبية المستقبلية المحتملة من الجنوب ، وثانيا والأهم حاليا ، هو القضاء على ظاهرة القرصنة البحرية في منطقة القرن الأفريقي أما سواحل الصومال ، بما يعود بالنفع على قناة السويس كشريان للتجارة العالمية ورافد هام للغاية من روافد الدخل القومي المصري .. فهذه القرصنة إن كانت تؤثر على التجارة الدولية بشكل غير مباشر ، فإنها تؤثر على اقتصاد مصر بشكل مباشر وخطير.. وليس على عاتق أحد أن ينفذ استراتيجياتنا وأهدافنا .. فعلينا أن نحقق مصالحنا القومية العليا بأنفسنا.

فمن يدري ..ربما تكون الولايات المتحدة نفسها داعمة لعمليات القرصنة هذه لسببين :

- إضعاف إقتصاد مصر بالتأثير على دخل قناة السويس من العملة الصعبة ..ولاجدال في ان هذا يصب في مصلحة اسرائيل .

- إيجاد فرص عمل لشركات الأمن الأمريكية الخاصة وعلى رأسها الشركة الشهيرة Black Water من خلال تأجيرهم لحماية السفن التجارية المارة بقناة السويس .

ثانيا :

أما مايتعلق بمكان الهدف أو الغارة ، فهو في شمال السودان بمحازاة البحر الأحمر، بما يعني أنه كان على الحدود الجنوبية لمصر.. وهذا أمر له مغزى سياسي وبُعد اقتصادي خطير للغاية .

أما عن الهدف السياسي ، فهو التدخل الذي أصبح صريحا ولم يعد سرا كما كان للإسرائيليين في الشئون السودانية .فتواجدهم يصبح مع الوقت وشيئا فشيئا من الأمور العادية ..وهو كان ولازال على أشُده في الجنوب ..ويدعم حركات التحرر الداعية للإنسلاخ عن شمال السودان وبقوة ..والدعم يشمل كافة النواحي بما فيها العسكرية ، كي يصل الى الهدف المنشود بتفتيت الدول العربية الى كيانات صغيرة يسهل اللعب بها أكثر وأكثر . واعتقد أن الإسرائيليين يأملون إن حدث وأصبح جنوب السودان دولة منفصلة عن الاخيرة ، أن يحذو سكان جنوب مصر حذوهم ويعلنون التمرد على الدولة المصرية ، ويطالبون بدولة مستقلة ..صدقوني لاتسبعدون شيئا من اليهود .

وأما عن الهدف الاقتصادي ، فبالطبع هو التأثير على حصة مصر المائية من نهر النيل .. بل ويسعون أنفسهم الى استغلال مياه النيل وشرائها من هذه الدولة التي يسعون لقيامها بكل قوة لضرب المصالح المصرية العليا..فالحروب القادمة الكل يجمع على انها ستكون حروبا على المياه .

أيها السادة نحن أمام أمر جد خطير..ومؤامرات كبرى تُحاك ضد.. وطننا والحكومة والنظام لايحركان ساكنا ..أعلم أن مثل هذه الأشياء تعد من الأمور الأكثر أهمية وسرية بالنسبة للمصالح والسياسة العليا للدولة ، وبالتالي لايصح أن تعلن القيادة السياسية على الجماهير ماتعد له من ردود وتحركات . ولكن على الأقل ، أطالب أن لاتلجأ الى استفزاز الشعب والضغط على أعصابه في مثل هذه الظروف .

حيث مازاد الطين بله ، أنه قِيل على لسان وزير الخارجية السيد/أحمد أبو الغيط أن مصركانت على علم بهذه العملية التي نفذتها المقاتلات الحربية الاسرائيلية مؤخرا في شمال السودان ..مما يزيد الفجوة اتساعا بين الشعب المصري وبين قيادته السياسية .

نحن لانريد حربا مع أي طرف من الأطراف .. فمصر انكويت بنيران الحروب وفقدت الكثير فيها ، لكن على الأقل من حقنا أن نعيش في أمان ..وأن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا .

قيادات مصر الأجلاء ، رفقا بمصر .. زودوا عنها بكل غالِ وثمين ..فمصر كنانة الله في أرضه ، وهي أمانة في رقابكم وسُتسئلون عنها يوم الدين . لذا أقول لكم : خلوا الرادار صاحي !

---------------------------------------------------------

تحديث صغير

التمسوا لي العذر ان لم أتمكن من الرد على تعليقاتكم او عدم وضع بوست جديد خلال المدة القادمة ، نظرا لأني مشغول بالمذاكرة الخاصة بامتحانات الدبلوم (دبلوم القانون العام ) هذه الأيام.

دعواتكم لنا بالنجاح والتوفيق من عند الله

ولكم جزيل الشكر وعظيم العرفان

قلم رصاص