أحداث 24 ساعة

أفريقيا.. والتكتلات العالمية




     أصبحت تأملات الماضي وتنبؤات المستقبل بشأن النظام الإقتصادي العالمي، واقعاً ملموساً اليوم. فهذا النظام تشهد فيه الأرض ثورة هائلة في الإتصالات، وتهميش للحدود، وتقليص للحواجز الكمية والجمركية أمام تدفق السلع والخدمات وانسياب حركة إنتقال رؤوس الأموال كاستثمارات مباشرة بما تجلبه من تقنيات متطورة وفنون جديدة لإدارة المشروعات الإقتصادية، والدعوة لتحرير التجارة العالمية وحرية المنافسة، وتعاظم دور الشركات متعددة الجنسية Multi-national Corporations التي أصبحت أرقام أعمالها تتجاوز حجم إقتصاديات عدة دول مجتمعة.

     وأمام هذه التحديات التي جعلت العالم يبدو كقرية صغيرة، أدركت الدول أن المنافسة لن تكون إلا في صالح الكيانات الاقتصادية الضخمة. لذا تكالبت معظم هذه الدول- سيِّما المتقدمة منها- على تكوين مثل هذه الكيانات، والدخول في عقد إتفاقات تجارية ثنائية كانت أو متعددة الأطراف مع غيرها من الدول، وذلك لأجل ضمان تبوء الصفوف على مسرح الإقتصاد العالمي.

     وأبرز الأمثلة على ذلك بالقطع، الإتحاد الأوروبي EU بدوله الـ 25 كتكتل اقتصادي عملاق لايمكن اللحاق به، والـ NAFTA لدول أمريكا الشمالية (كندا، الولايات المتحدة، والمكسيك)، وتجمع الـ APEC لدول آسيا والمحيط الهادي، والـ ASIAN ... وغيرها.

      وعلى ضوء الأحداث، كان لزاماً على قارتنا السمراء أن تتحول من متلقي للمعونة إلى طرف شريك ومنافس. وأن تستغل وتستأثر بثرواتها الطبيعية الهائلة.. التي طالما إستُنزفت من جراء الأطماع الإستعمارية وما خلفته من حروب أهلية لازالت تدور رحاها إلى الآن.

      وبالنظر إلى الظروف القاسية التي مرت بإفريقيا على مدى تاريخها حتى وقت قريب وإلى جانب مالايزال يعتصرها من حروب ومجاعات وغيرها، يمكننا القول أن خطوة بعض دولها نحو العمل الإفريقي المشترك وإنشاء التكتلات التي تضمن لها المنافسة العادلة مع الكيانات العالمية الأخرى في زمن إقتصاديات السوق الحر، جديرة بالتشجيع على المزيد من الخطوات في هذا الإتجاه.

     واذا نظرنا إلى تكتل الـ (كوميسا) لدول جنوب وشرق افريقيا، فتم إنشاؤه عام 1994م ويضم 19 دولة، شاملة دول حوض النيل، ومنها مصر التي تم التصديق على انضمامها عام 1998م. وتضم هذه السوق الواعدة لهذا التجمع الكبير نحو 330 مليون نسمة، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها مايزيد على 100 مليار دولار سنوياً. هذا بالإضافة إلى مبادرة الـ (إيجاد) لتنمية القارة وبعض التحالفات الإقتصادية واتفاقيات التجارة الحرة بين بعض الأطراف الإقليمية وغيرها.

     وعن إمكانات أفريقيا، فنجدها تتمتع بمزايا نسبية ومطلقة كثيرة. فعلى صعيد الثروات الطبيعية، يأتي السودان بأراضيه الخصبة وملايين الأفدنة الصالحة للزراعة، واثيوبيا بثرواتها الحيوانية الضخمة، وأوغندا التي تعد أغنى الدول حيث تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الماس وغيرها من المعادن النفيسة على المستوى العالمي. وكذلك دول غرب افريقيا المنتجة للنفط. علاوة على ذلك، إحتواء القارة على كميات هائلة من المياه العذبة بمصادرها المختلفة.

     ومن حيث الموقع الجغرافي، تعد افريقيا قلب العالم وبؤرة التجارة الدولية، وذلك لمحازاتها لآسيا وقربها من أوروبا. وتتميز بعض دول القارة بمواقع فريدة جعلتها محطاً لجذب السياحة من شتى بقاع الأرض.

     إن الحديث عن تلك الإمكانات، قد يستغرق صفحات وصفحات. وكل ما يمكن قوله، أن افريقيا لاتحتاج سوى إلى توحيد الجهود الوطنية والإقليمية لإحداث طفرة في الإطار المؤسسي الكفيل بإشعال فتيل التنمية الشاملة والمستدامة للنهوض بالقارة، كي تجد لها موضع قدم في عصر العولمة والإقتصاد الكوني.

_______________
ملحوظة:
هذه المقاله كتبتها يوم 13/12/2004 وتم نشرها في إحدى الصحف وقتها، لا أتذكرها الآن.

8 تعليقات القراء:

غير معرف يقول...

الشعوب الحره فقط هي من تصنع مستقبل افضل ..

اعتقد نه بعد حركه الثورات في العالم العربي .... يمكن ان تتحد مصالحنا مع الشعوب الافريقيه الحره لا المستبده بالطبع

تحياتي

كريمة سندي يقول...

إن التكتلات اقتصادية لعبت دور كبير في بلورة القوة الاقتصادية العالمية

sony2000 يقول...

مقاله راااائعه

عبدالحميد خطاب يقول...

جزاك الله خير
وأدعوك لمدونتى
http://mytadwen.blogspot.com/

r يقول...

المهم الاستفاده فعليا من المنظمه لان معنى ان مصر مشاركه فيها من 98 ولغايه دلوقتى وانا اول مره اسمع عنها يبقى هى منسيه - اتمنى اجد منظمه عربيه او تحالف عربى اسلامى ايضا
والحكومه الجديده تكون فعلا ليها انتماء افريقى لرفع ومساعده الدول دى بالتنميه زراعه وايد عامله وكل امكانياتنا وثرواتها المهم الرجال والفكر الوطنى وكل الامل فى شرف او اللى جاى بعده ووزير خارجيتنا الجديد نتمنى يكون مثيل نبيل العربى
القادم اجمل ان شاء الله الواحد متفاءل

محمد يقول...

المقال رائع شكرا لك واعلم ان من الشعوب الحرة هية من تصنع مستقبل قوى لامتها ...

الشبكة العربية يقول...

انشاء الله الدول العربية الاسلامية سوف تقوم وترجع اقوى من تانى وتصنع مستقبل رائع باذن الله ...

mohamed ghalia يقول...

ياااااااااااااه وحشتنى المدونة دى
فيييييييينك من زمان

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting