انه رجل المخابرات المصري الفذ ، محمد نسيم ، الذي بحق صنع المعجزات الجسام التي لم ولن يستطيع ان يحققها سواه في هذا العالم السري والغامض والقاسي بل والمخيف في أحيانا كثره .
هذا الرجل حقق العديد من الانتصارات لصالح بلاده ضد اعتى أجهزة التخابر في هذا العالم ، وعلى رأسها الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي ، انه بحق استحق لقب قلب الأسد .. وقيل عنه أيضا رجل المستحيل .. واعتقد من وجهة نظري الشخصية ، أنه هو المقصود الى حد كبير من شخصية الأديب وكاتب الروايات البوليسية الشهير الدكتور نبيل فاروق ، ألا وهو رجل المستحيل .
فتعالوا معي نلقي نظرة سريعة عن حياة وانجازات هذا الأسد المصري الفذ ،محمد نسيم.. فما نعرفه عنه أقل بكثير مما فعل.. لكنه قدره وقدر كل الذين احترفوا الخفاء والظل والكتمان والسرية.. نعرف أعمالهم ولا نعرفهم
1- ولد في : 10 / 9 / 1927 كان محل ميلاده القاهرة القديمة تحديدا القلعة فقد ولد محمد نسيم في القاهرة القديمة في حي (المغربلين) الشهير بالدرب الأحمر.
توفى في : 22 / 3 / 2000
الاسم الحقيقي : محمد نسيم
الاسم الحركي : ذئب المخابرات الأسمر ورجل المستحيل
تاريخ التحاقه بالمخابرات : 1956
تاريخ انهاء خدمته بالمخابرات : 1975
2 - كان والده السيد لطيف نسيم رساما
3 - وكان محمد نسيم يتيم الأم فقد توفيت والدته قبل ان يكمل ثلاث سنوات ..
4 - تعلم الملاكمة وهو على عتبة الشباب.. في الخامسة عشرة من عمره انتقلت أسرته الى حي المنيرة.. القريب من النادي الأهلي.. فكانت ملاعب الهوكي وحلبات الملاكمة مفتوحة أمامه.. وفيما بعد أصبح بطل الكلية الحربية والقوات المسلحة في الملاكمة.. وفيما بعد.. في مباراة دولية للهوكي بين مصر وباكستان أصيب في أنفه فكسرت (الأرنبة) .. وتركت الاصابة علامة مميزة في وجهه.. وفي مباراة ملاكمة في الكلية الحربية أصر على ان يكمل المباراة رغم اصابته بشرخ في يده اليمني.. وكافأه وزير الحربية حيدر باشا بمنحه المجانية طوال سنوات الدراسة في الكلية وكان لايزال في السنة الأولى.. وأغلب الظن ان يوسف السباعي استوحي هذا المشهد وهو يكتب قصة فيلم (رد قلبي).
5 - سرعان ما قرر اعتزال الملاكمة عندما وجد نفسه يتلقى لكمة قوية من منافسه على بطولة الجيش في عام 1951 صلاح أمان أفقدته الوعي والذاكرة.. ورغم أنه فاز في المباراة بالضربة القاضية إلا أنه لم يشأ ان يعيش تلك الحالة مرتين.
6 -تزوج من إحدى بطلات مصر في الجمباز ، وكانت زوجته السيدة شريفة (راقصة باليه مشهورة في المسرح الكلاسيكي)
7 - وأنجب ولدين هشام وفؤاد وهما مهندسان لكنهما يعملان في السياحة.
8 - التحق محمد نسيم بالكلية الحربية في عام 1949 وتخرج فيها ضابط بسلاح المدرعات وشارك وهو ضابط في حرب (السويس) عام 1956
6 - ما ان انتهت الحرب حتى اختير للانضمام الى المخابرات العامة وكانت لاتزال كيان وليد عمرها لا يصل الى عامين.. فقد بدأ التفكير فيها في صيف عام 1954 بعد ان كشفت قضية (لافون).. كان عمره في ذلك الوقت لايزيد على 21 سنة.. وقد اختير للعمل في (الخدمة السرية) .. وهو الجهاز المدبر والمخطط لعمليات اختراق العدو.. وزرع الجواسيس في أجهزته.. وتجنيد العملاء من أفراده.. وجمع الأسرار عنه.. والحصول عليها من بين أنيابه.. أما الجهاز الآخر (الأمن القومي) فمهمته مكافحة الجواسيس الأجانب الذين يتسللون الى الداخل.. أو المصريين الذين يفقدون مناعتهم الوطنية ويسقطون في بئر الخيانة .. عليه القبض عليهم وتقديمهم لمحكمة أمن الدولة العليا ليكون مصيرهم في الغالب حبل المشنقة.
7 - كان محمد نسيم من الجيل الأول في المخابرات العامة.. وهو جيل كان عليه ان يواجه ويتعلم.. ويخطط ويدرس.. يقاتل بالعقل ولكن بدون إمكانيات.. كان التحدي أهم أجهزته الدقيقة.. وكان الحماس هو القوة الخارقة الوحيدة المتاحة له (الجيل الأول والتانى من الجهاز)
8 - أغلب العمليات التي قام بها كانت بتكليف مباشر من جمال عبدالناصر شخصيا، كان يستدعيه ليشرب معه فنجانا من الشاي ويسأله عن صحته وبيته وولديه، ولم يكن محمد نسيم يجيب إلا بإجابة واحدة ثابتة (الحمد لله يافندم) وعند الباب كان جمال عبدالناصر يحدد المهمة فيرد محمد نسيم بعبارة واحدة ثابتة (حاضر يافندم).
9 - عينه جمال عبدالناصر وزيرا للتأمينات الاجتماعية وكان مسئولا عن الأمن في سنوات الوحدة التي أعلنت في فبراير 1958.
10 - في عام 1961 بعد الانفصال بين سوريا ومصر.. سافر الى بيروت ليدير منطقة (المشرق العربي) من هناك.. وليواجه الآثار المترتبة على الانفصال وجمع ما تبعثر منها.. وبيروت كانت في ذلك الوقت محطة (ترانزيت) لمعظم أجهزة المخابرات.. وكان فندق (سان جورج) المكان المفضل لجواسيس الدنيا.. يحتسون القهوة السوداء ويديرون المؤامرات السوداء ضد زعيم كانت شعبيته في القمة.. والعداء له أيضا..
11 - كانت إحدي العمليات التي وضعها في بيروت هي عملية اختطاف عبدالحميد السراج من سجن (المزة) أخطر السجون السورية وأكثرها إحكاما بعد أن قبض عليه قادة الانفصال بتهمة الايمان بجمال عبدالناصر والإعجاب به.. وقد تسلل محمد نسيم في ملابس أحد حراس السجن ودخل زنزانة عبدالحميد السراج ونجح في اخراجه حتى الأسوار ثم قفزا معا من ارتفاع كبير وسبحا ساعات طويلة حتى وصلا الى بر الأمان.. وبعد ساعات أخرى كان عبدالحميد السراج في بيروت.. وبعد أيام كان في القاهرة.
12 - عرف محمد نسيم في بيروت من مصادره ان هناك خطة لخطف ابنه الأكبر هشام وكان عمره لايزيد على 7 سنوات ويدرس في المدرسة الالمانية فلم يتردد في أن يعيد أسرته التي كانت تعيش معه في بيروت الى القاهرة. وسرعان ما اكتشف محمد نسيم خطة أخرى لقتله بوضع شحنة ناسفة في ماسورة عادم السيارة لقد تعود الحرص في كل خطواته وتصرفاته كان يفحص أبواب بيته ومكتبه قبل ان يمسك بالمفتاح.. كان يتأمل ملامح الذين يقدمون له الطعام وينظر في عيونهم طويلا ليلتقط أي اضطراب أو توتر.. كان يفتش سيارته في كل مرة يركبها قبل ان يديرها.. وقد أنقذه ذلك من الموت منفجرا محترقا في سيارته..
13 - كاد محمد نسيم يتعرض لعملية اختطاف من بيروت ليصبح رهينة في يد خصوم جمال عبدالناصر ويجبروه على ان يهاجمه في احدى الاذاعات المعادية لمصر في ذلك الوقت.. وكان المكلف بالعملية شابا مصريا يعيش على العداء لبلاده.. وقرر محمد نسيم ان يأكله على الافطار قبل ان يتناوله هو على العشاء.. فكان ان اختطفه.. ووضعه في طائرة حملته الى القاهرة.
14 - من أشهر عملياته:
* اعادة تقييم موقف رفعت الجمال"رأفت الهجان" واتخاذ ما يلزم من اجراءات بخصوصه بعد التقييم ( تطوير العمليه واعادة تدريبه و برمجته )، حتى جعل منه عملية أسطورية لم تحدث في التاريخ المخابراتي العالمي.
* ادارة عمليه الكشف عن صفقة الطائرات الفرنسية لاسرائيل عام 1960-1962
* التحقيق فى قضية انحراف جهاز المخارات العامة عام 1967 بأمر مباشر من الزعيم جمال عبد الناصر ولكنه لم يكن المشرف الرئيسى بل كان المشرف الفنى.
* كما انه ساهم في عملية تفجير المدمرة الإسرائيلية الشهيره إيلات.
* التخطيط ل وتنفيذ عملية تهريب عبدالحميد السراج من سوريا إلي مصر عبر مطار بيروت والتي إشترك فيها سامي شرف.
* ونختتم عملياته بالعملية الأشهر على الاطلاق ، وهي التخطيط ل وتنفيذ تدمير الحفار " كننتنج "أو الجزيرة العائمة الذي أستأجرته اسرائيل للتنقيب عن البترول في خليج السويس .. وهي ماعرفت آنذاك في دهاليز المخابرات بعملية " الحاج"
تذكر عبد الناصر قصة هذه العملية وهو يتحدث الى نسيم .. وكان نسيم يتساءل عن سبب استدعائه ليقول له عبد الناصر أنه رقد طريح الفراش بعد اعلان اسرائيل عن بدء عمليات التنقيب عن البترول فى سيناء فى اشارة واضحة الى أن سيناء قد أصبحت اسرائيلية لتذل القيادة المصرية .. وبرقت عينا نسيم غضبا .. وعاجله عبد الناصر وهو يقول له فى مرارة .. " الحفار يا نسيم " .. فنهض نسيم واقفا .. وقال له فى حزم " أمرك يا سيادة الرئيس " .. وبدأت عملية الحاج ..
عملية الحاج
كانت واقعة نية اسرائيل التنقيب عن البترول فى سيناء كما سبق القول نية سياسية لا اقتصادية .. وقد بعثت الى احدى الشركات الكندية لاستقدام أحد أكبر الحفارات فى العالم لاستخدامه فى التنقيب وهو الحفار " كينتج " .. وقد خططت اسرائيل بدقة لهذه العملية .. وقامت عمدا باستيراد هذا الحفار الكندى والذى تجره قاطرة هولندية وعليه بحار بريطانى .. لكى تعجز مصر عن ضرب الحفار بالطيران عند اقترابه من البحر الأحمر .. لأن مصر اذا غامرت بضرب الحفار علانية فمعنى هذا أنها استعدت عليها ثلاث دول كبري على الأقل .. ولأنها تعلم تماما أن المخابرات العامة لن تترك الحفار .. فقد احتاطت للأمر وقامت بتأمين الخطوط الملاحية للحفار القادم عبر المحيط الأطلنطى الى رأس الرجاء الصالح ثم البحر الأحمر .. وقامت بانتقاء خطوط سير ملاحية بالغة السرية وغير مألوفة .. كما جند الموساد رجاله وأجهزته بمعاونة المخابرات المركزية الأمريكية لمصاحبة الرحلة وحماية الحفار .. لكن من قال ان المصريين يعرفون المستحيل .. شكل محمد نسيم فريق عمل من أفضل رجال المخابرات العامة وخبراء الملاحة وضباط القوات البحرية .. لتبدأ عمليه الحاج .. وكان سبب تسميتها مزامنه أحداثها لموسم الحج وقام محمد نسيم بتجنيد عملاء المخابرات العامة فى الدول التى سيمر الحفار عبر سواحلها وأعطى أوامر بضرورة التفرغ لهذه العملية .. وقام باستقدام فريق من أكفأ رجال الضفادع البشرية التابع للبحرية المصرية .. حيث استقرت الخطة على زرع متفجرات شديدة التدمير فى قلب البريمة الرئيسية للحفار لابطال مفعوله .. وبدأت لعبة القط والفأر بين نسيم ورجال الموساد .. وهناك .. فى أبيدجان الميناء الشهير لدولة ساحل العاج .. كان الحفار قد ألقي مراسيه بأمان للراحة .. وعلى الفور وبناء على الاستنتاجات المسبقة بعقله الفذ الذى أدرك أن أبيدجان هى الميناء المثالى الذى سيرسو عنده الحفار .. قام بحمل المتفجرات بنفسه ودار بها عبر أوربا وساحل افريقيا الشمالى وحط رحاله فى أبيدجان ولا أحد يعرف كيف تمكن من عبور مطارات خمس أو ست دول وهو يحمل هذه المتفجرات ..
وكان فريق العمل أبطال البحرية قد سلك طريقا مماثلا عبر عدة عواصم أوربية حتى أبيدجان .. وفى فجر يوم العملية وصل الفوج الأول من الضفادع البشرية .. وبينما الكل فى انتظار الفوج الثانى علم محمد نسيم من مصادره فى أبيدجان أن الحفار فى طريقه لمغادرة ساحل العاج صباح اليوم التالى .. ليطير عقل محمد نسيم .. ويتخذ قراره بتنفيذ العملية بنصف الفريق فحسب .. وكان الحل السريع أن يكتفي نسيم بزرع المتفجرات تحت البريمة الرئيسية وأحد الأعمدة فحسب بديلا عن الخطة الرئيسية بتفجير البريمة والأعمدة الثلاثة
وفى الفجر .. تسلل الأبطال تحت اشراف نسيم الى موقع الحفار وخلال ساعة واحدة كانت المتفجرات فى أماكنها .. ومضبوطة التوقيت على السابعة صباحا .. وخلال هذه الفترة أشرف نسيم بسرعة فائقة على سفر مجموعة العمل خارج ساحل العاج واستقبال المجموعة التى كان مقررا وصولها فى الصباح لتحط فى أبيدجان بطريقة الترانزيت وتكمل رحلتها خارج أبيدجان ..
وبقي نسيم وحده ينتظر نتيجة العملية .. ومن شرفة فندقه المطل على البحر أخذ يعد الدقائق والثوانى التى تمضي ببطء قاتل .. حتى التقا عقربا الساعة عند السابعة صباحا ليتعالى دوى الانفجارات من قلب البحر .. ويصبح الحفار أثرا بعد عين فى الانفجار الذى هز أبيدجان .. لكنه كان كالموسيقي الكلاسيكية فى أذنى نسيم ... والذى تأمل الحفار المحطم .. لترتسم ابتسامة نصر مشرقة ومألوفة على الوجه الأسمر الصارم ..
وبعدها توجه نسيم الى أحدى مكاتب البريد ليرسل تلغرافا الى جمال عبد الناصر يقول له كلمتين فحسب " مبروك الحج "
كلمة أخيرة
هكذا لم يعرف عنه احد شيئا إلا بعد مسلسل رأفت الهجان.. فهو نديم قلب الأسد الذي دربه تدريبا راقيا جعل منه أسطورة.
وبعد عشرات العمليات الناجحة وشهرة واسعة .. نالها الفهد الأسمر المصري اللواء محمد نسيم .. اعتزل البطل العمل السري ليخرج من جهاز المخابرات الى وظيفة مدنية كوكيل لوزارة السياحة المصرية .. وفى فجر الأربعاء 22 مارس عام 2000 .. أسلم الفارس البطل .. روحه وجاد بأنفاسه الأخيرة بعد رحلة مثمرة فى محراب البطولة تتوارى الى جوارها صفحات التاريخ خجلا .. وتقدم جنازة البطل كبار رجال الدولة ، لتشيع مصر أحد أبنائها اللذين تفانوا في عشق ترابها والزودعنه بكل غالي وثمين.
واخيرا ، تحية لك أيها البطل الفذ ، وفي الفردوس الأعلى بإذن الله
6 تعليقات القراء:
والله فعلا شخصية رائعة اخي الكريم
مصر ياما فيها نماذج جميلة .. بس محدش يعرف عنها حاجة.. اشكرك بجد على البوست الجامد ده
سلاااااااااااااااااااام
الله يرحمه
موضوع أروع من رائع
بجد تسلم إيدك
موضوع جميل و معلومات أول مرة أعرفها
بس مش هو الشخصية اللى فى رويات د نبيل فاروق وأنا متأكد من الكلام ده
:)
غير معروف
نورتني بجد
وكلامك صحيح فعلا
كل سنة وانت طيب تقبل تحياتي
========
أختي الكريمة نهال
يسمع منك ربنا
واشكرك على مرورك الكريم
تقبلي تحياتي
=========
ميدو باشا
انا مأكدتش المعلومة دي ياحبيبي .. دا مجرد تخمين فقط
تحياتي ليك وشرفتنا
بوست رائع بجد كنت مستمتعه جدا وانا باقراه خصوصا اني باعشق قصص المخابرات ..
شكرا جزيلا أختي الكريمة أحلى حياه
ومن سمعك .. العبد لله برضه بيحب المخابرات جدا لإيماني الشديد بدورهم الخفي والمجهول لخدمة البلاد والزود عنها..
وكمان لإعجابي بفدائيتهم وجسارتهم وذكائهم الخارق لحدود الزمان والمكان
نورتي البوست بجد
تقبلي تحياتي
إرسال تعليق